حكاية شعبية للأطفال
كان يا مكان.. في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان.
جد وحفيده، يعيشان معاً في قرية جميلة، وقبل أن يناما يحكي الجد لحفيده حكاية شائقة.
ومرة.. سأل الحفيد جدّه: جدّي.. من أين تأتي بحكاياتك الجميلة؟
مسَّدَ الجد لحيته البيضاء، قال: لقد سمعتها من فم الحكواتي، ورأيتها في صندوق الدنيا، ومسرح خيال الظل.
قال الحفيد دهشاً: لم أفهم، ماذا تقصد؟
ابتسم الجد قال: اسمع.. سأحكي لك هذه الليلة حكاية من حكايات الحكواتي، وليلة الغد حكاية من صندوق الدنيا، وبعد غد.. ستكون الحكاية من مسرح خيال الظل.
صفّق الحفيد. اندسّ في الفراش، لفّ جده.. مصغياً للحكاية.
حكاية الليلة الأولى:
جلس الحكواتي على كرسي القش في صدر المقهى، واضعاً طرطوراً أحمر على رأسه، ونظّارة مدوّرة على عينيه، ممسكاً بيديه كتاباً سميكاً أصفر الورق.
وبعد أن مسح جبينه وذقنه بمنديله القماشي المطرّز، قال:
- قال الرّاوي: يا سادة يا كرام: جاء رجل إلى أبي الفوارس عنترة، يشكو إليه سرقة أمواله وجماله في ليلة مقمرة، فار الدم في وجهه، وقبض على السيف بكفه، وذهب ليرجعها في الحال، بعد أن ركب على حصانه الأبجر الذي يشق الرمال.
فلما انتصف النهار، كان رأس اللص قد طار، فساق الجمال وحمل الأموال، وأعطاها إلى الرجل الذي شكره على حسن الفعال، ودعا لأبي الفوارس، أن يبقى للفضيلة خير حارس.
حكاية الليلة الثانية:
حمل العم حمدان صندوق الدنيا الخشبي، ذا الفتحات الأربع على ظهره، وسار إلى ساحة القرية مغنيّاً:
تعال تفرج يا سلام * * * على الدنيا يا سلام
عـلى أمّ الـحكايا * * * وما فيها من خبايا
خرج الأولاد من البيوت الطينية حاملين لـه نقوداً، أوتيناً يابساً، أو حفنة من الزّبيب.
أجلس العم حمدان أربعة أطفال أمام الصندوق، وبعد أن وضعوا رؤوسهم مقابل الفتحات، قال:
كان هناك بنت اسمها ليلى، هل ظهرت أمامكم؟ طيّب. أرادت أن تذهب يوماً لزيارة جدتها في القرية المجاورة، فطلبت منها أمها أن تسلك الطريق الطويل، لكن ليلى لم تسمع كلمة أمها، وسارت مع قطتها في الطريق الذي يمر في الغابة، فجأة.. توقفت وراحت تقطف الزهور الملوّنة قائلة لقطتها.. ستفرح جدتي بهذه الزهور، سمع الذئب حديث ليلى – لا تبعدوا رؤوسكم يا أولاد.. انظروا ولا تخافوا، سأكمل القصة- فركض إلى بيت الجدة وأكلها، ثم استلقى في سريرها، بعد أن وضع نظارتها وغطاء رأسها الملوّن.
وصلت ليلى.. وجدت الباب موارباً، دخلت.. وضعت الزهور على الطاولة، اقتربت من السرير فوجدت أذنين طويلتين، قالت: لماذا أذناك طويلتان يا جدتي؟ قال الذئب: كي أسمعك جيداً، ولماذا عيناك كبيرتان؟ قال: كي أراك جيداً، طيّب وفمك.. لماذا هو كبير إلى هذا الحد؟ نطّ الذئب قائلاً: لآكلك وأتذوّق لحمك الغض.
وقف أحد الأولاد، قال: ارجع لي حبّات الزّبيب يا عم حمدان، فهذه القصة حزينة.
اِجلس يا ولد، فالقصّة لم تنتهِ بعد، اسمعوا.. هربت القطة وأعلمت الصياد بما حدث، فركض صوب الذئب، وكان نائماً، فشق بطنه، وأخرج ليلى وجدتها واضعاً حجارة مكانهما، ثم خاط بطنه بالإبرة والخيط وعندما استيقظ من نومه، أحسّ بالعطش، فنهض إلى البركة، ولما انحنى ليشرب سقط فيها ومات.
حكاية الليلة الثالثة:
دخل الكركوزاتي إلى المقهى، وضع ستارة من قماش تتوسّطها قطعة مدوّرة من الخام الأبيض، في أسفلها رفّ من خشب وضع عليه سراجاً من فخار وأناره بالزيت، ثم وقف خلف السّتارة ممسكاً بيده عصاً رفيعة محرّكاً بها رسوم الأشخاص المصنوعين من الجلد، حيث ظهر خيالها مجسّماً لانعكاس النور عليها من الخلف.
بدأ الكركوزاتي يتكلّم ويحرّك الخيال، ليبدو أن الخيال يتكلم، وكان يبدل صوته حسب أصوات الرّسوم وهم: كركوز، عيواظ، معّوظة ابنة عيواظ، العفريت فادوس أبو السبع رؤوس، وابنهُ مرّوسي.
صفّق الجمهور الجالس على كراسي الخيزران عندما ظهر كركوز وعيواظ.
كركوز : أهلاً.. أهلاً وسهلاً ومئة مرحباً بالحاج عيواظ.
عيواظ : الحقني يا صديقي، كرمى للنبي.
كركوز : خيراً.. خيراً إن شاء الله.
عيواظ : ومن أين يأتي الخير، ومرّوسي بن فادوس أبو السبع رؤوس عفريت السواحل، خطف ابنتي معّوظة.
كركوز : ماذا تحكي؟! العمى يضربه، خطفها! والله العظيم سألحقه وأعيبِر رقبته، يالله.. الموضوع لا يحتمل الوقوف.
اختفى كركوز.. اختفى كركوز.. (صفّق الجمهور بحماسة بعد قليل ظهر كركوز حاملاً معّوظة وهو يجر مرّوسي من شعره).
معّوظة : بابا.. لقد عدت.
عيواظ : "باكياً".. هيء.. هيء.. هيء.
كركوز : لا تبكِ يا حاج عيواظ، لقد قطعت رؤوس فادوس السبعة، وعيبرت رقبة ابنه مرّوسي. انظر.
عيواظ : (يعانق كركوز ويقبله). عِشت يا أبا الشّرف والشّهامة والعفّة. فعلاً.. الصّديق وقت الضّيق.
حكاية الليلة الرابعة:
وفي الليلة الرابعة، طلب الحفيد من جدّه أن يسمح لـه بسرد حكاية، فابتسم الجد وقال: هاتِ أسمعني. قال الحفيد:
كان يا مكان.. في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان.
حفيد وجده، يعيشان معاً في قرية جميلة، وقبل أن يناما، يحكي الحفيد لجده حكاية، يقول فيها:
خرجت ليلى ومعّوظة إلى الغابة، لتقطفا بعضاً من زهور الأقحوان الحمراء، وفجأة.. ظهر لهما الذئب وأكل معّوظة، بينما هربت ليلى إلى القرية، وفور وصولها، اتجهت إلى المقهى وسألت الحكواتي عن عنترة بن شدّاد، فقال لها: لقد ذهب مع العم حمدان إلى ساحة القرية ليتفرّج على صندوق الدنيا، ركضت ليلى إلى الساحة، فوجدت عنترة قد ربط حصانه إلى جانب دكان الإسكافي وجلس يتفرج، فصاحت: عمّي عنترة.. الحقني، لقد هاجمنا الذئب في الغابة وأكل معّوظة.
وقف عنترة كالأسد، نطّ على حصانه مجرّداً سيفه من غمده، وانطلق يسابق الريح.
في الطريق.. صادف عنترة العفريت فادوس أبا السّبعة رؤوس وابنه مرّوسي، فقطع بضربة واحدة رؤوس فادوس السبعة، وربط ابنه مرّوسي بذيل الحصان، ثم سار حتى وصل إلى الذئب.
كان الذئب نائماً تحت شجرة صنوبر، شقّ عنترة بطنه أخرج معّوظة، ووضع مروسي ابن العفريت مكانها.
أركب عنترة بن شداد ليلى ومعّوظة على حصانه وركض هو أمامهما حتى وصلوا إلى المقهى.
هناك.. طلب عنترة فنجاناً من القهوة، وكوبين من الحليب وجلسوا يتفرّجون على كركوز وعيواظ وبعد أن انتهى الحفيد من سرد حكايته، التفت إلى جدّه، فوجده نائماً.. والابتسامة ما تزال مرسومة على شفتيه.
((وتوتة توتة.. خلصت الحتوتة))
كان يا مكان.. في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان.
جد وحفيده، يعيشان معاً في قرية جميلة، وقبل أن يناما يحكي الجد لحفيده حكاية شائقة.
ومرة.. سأل الحفيد جدّه: جدّي.. من أين تأتي بحكاياتك الجميلة؟
مسَّدَ الجد لحيته البيضاء، قال: لقد سمعتها من فم الحكواتي، ورأيتها في صندوق الدنيا، ومسرح خيال الظل.
قال الحفيد دهشاً: لم أفهم، ماذا تقصد؟
ابتسم الجد قال: اسمع.. سأحكي لك هذه الليلة حكاية من حكايات الحكواتي، وليلة الغد حكاية من صندوق الدنيا، وبعد غد.. ستكون الحكاية من مسرح خيال الظل.
صفّق الحفيد. اندسّ في الفراش، لفّ جده.. مصغياً للحكاية.
حكاية الليلة الأولى:
جلس الحكواتي على كرسي القش في صدر المقهى، واضعاً طرطوراً أحمر على رأسه، ونظّارة مدوّرة على عينيه، ممسكاً بيديه كتاباً سميكاً أصفر الورق.
وبعد أن مسح جبينه وذقنه بمنديله القماشي المطرّز، قال:
- قال الرّاوي: يا سادة يا كرام: جاء رجل إلى أبي الفوارس عنترة، يشكو إليه سرقة أمواله وجماله في ليلة مقمرة، فار الدم في وجهه، وقبض على السيف بكفه، وذهب ليرجعها في الحال، بعد أن ركب على حصانه الأبجر الذي يشق الرمال.
فلما انتصف النهار، كان رأس اللص قد طار، فساق الجمال وحمل الأموال، وأعطاها إلى الرجل الذي شكره على حسن الفعال، ودعا لأبي الفوارس، أن يبقى للفضيلة خير حارس.
حكاية الليلة الثانية:
حمل العم حمدان صندوق الدنيا الخشبي، ذا الفتحات الأربع على ظهره، وسار إلى ساحة القرية مغنيّاً:
تعال تفرج يا سلام * * * على الدنيا يا سلام
عـلى أمّ الـحكايا * * * وما فيها من خبايا
خرج الأولاد من البيوت الطينية حاملين لـه نقوداً، أوتيناً يابساً، أو حفنة من الزّبيب.
أجلس العم حمدان أربعة أطفال أمام الصندوق، وبعد أن وضعوا رؤوسهم مقابل الفتحات، قال:
كان هناك بنت اسمها ليلى، هل ظهرت أمامكم؟ طيّب. أرادت أن تذهب يوماً لزيارة جدتها في القرية المجاورة، فطلبت منها أمها أن تسلك الطريق الطويل، لكن ليلى لم تسمع كلمة أمها، وسارت مع قطتها في الطريق الذي يمر في الغابة، فجأة.. توقفت وراحت تقطف الزهور الملوّنة قائلة لقطتها.. ستفرح جدتي بهذه الزهور، سمع الذئب حديث ليلى – لا تبعدوا رؤوسكم يا أولاد.. انظروا ولا تخافوا، سأكمل القصة- فركض إلى بيت الجدة وأكلها، ثم استلقى في سريرها، بعد أن وضع نظارتها وغطاء رأسها الملوّن.
وصلت ليلى.. وجدت الباب موارباً، دخلت.. وضعت الزهور على الطاولة، اقتربت من السرير فوجدت أذنين طويلتين، قالت: لماذا أذناك طويلتان يا جدتي؟ قال الذئب: كي أسمعك جيداً، ولماذا عيناك كبيرتان؟ قال: كي أراك جيداً، طيّب وفمك.. لماذا هو كبير إلى هذا الحد؟ نطّ الذئب قائلاً: لآكلك وأتذوّق لحمك الغض.
وقف أحد الأولاد، قال: ارجع لي حبّات الزّبيب يا عم حمدان، فهذه القصة حزينة.
اِجلس يا ولد، فالقصّة لم تنتهِ بعد، اسمعوا.. هربت القطة وأعلمت الصياد بما حدث، فركض صوب الذئب، وكان نائماً، فشق بطنه، وأخرج ليلى وجدتها واضعاً حجارة مكانهما، ثم خاط بطنه بالإبرة والخيط وعندما استيقظ من نومه، أحسّ بالعطش، فنهض إلى البركة، ولما انحنى ليشرب سقط فيها ومات.
حكاية الليلة الثالثة:
دخل الكركوزاتي إلى المقهى، وضع ستارة من قماش تتوسّطها قطعة مدوّرة من الخام الأبيض، في أسفلها رفّ من خشب وضع عليه سراجاً من فخار وأناره بالزيت، ثم وقف خلف السّتارة ممسكاً بيده عصاً رفيعة محرّكاً بها رسوم الأشخاص المصنوعين من الجلد، حيث ظهر خيالها مجسّماً لانعكاس النور عليها من الخلف.
بدأ الكركوزاتي يتكلّم ويحرّك الخيال، ليبدو أن الخيال يتكلم، وكان يبدل صوته حسب أصوات الرّسوم وهم: كركوز، عيواظ، معّوظة ابنة عيواظ، العفريت فادوس أبو السبع رؤوس، وابنهُ مرّوسي.
صفّق الجمهور الجالس على كراسي الخيزران عندما ظهر كركوز وعيواظ.
كركوز : أهلاً.. أهلاً وسهلاً ومئة مرحباً بالحاج عيواظ.
عيواظ : الحقني يا صديقي، كرمى للنبي.
كركوز : خيراً.. خيراً إن شاء الله.
عيواظ : ومن أين يأتي الخير، ومرّوسي بن فادوس أبو السبع رؤوس عفريت السواحل، خطف ابنتي معّوظة.
كركوز : ماذا تحكي؟! العمى يضربه، خطفها! والله العظيم سألحقه وأعيبِر رقبته، يالله.. الموضوع لا يحتمل الوقوف.
اختفى كركوز.. اختفى كركوز.. (صفّق الجمهور بحماسة بعد قليل ظهر كركوز حاملاً معّوظة وهو يجر مرّوسي من شعره).
معّوظة : بابا.. لقد عدت.
عيواظ : "باكياً".. هيء.. هيء.. هيء.
كركوز : لا تبكِ يا حاج عيواظ، لقد قطعت رؤوس فادوس السبعة، وعيبرت رقبة ابنه مرّوسي. انظر.
عيواظ : (يعانق كركوز ويقبله). عِشت يا أبا الشّرف والشّهامة والعفّة. فعلاً.. الصّديق وقت الضّيق.
حكاية الليلة الرابعة:
وفي الليلة الرابعة، طلب الحفيد من جدّه أن يسمح لـه بسرد حكاية، فابتسم الجد وقال: هاتِ أسمعني. قال الحفيد:
كان يا مكان.. في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان.
حفيد وجده، يعيشان معاً في قرية جميلة، وقبل أن يناما، يحكي الحفيد لجده حكاية، يقول فيها:
خرجت ليلى ومعّوظة إلى الغابة، لتقطفا بعضاً من زهور الأقحوان الحمراء، وفجأة.. ظهر لهما الذئب وأكل معّوظة، بينما هربت ليلى إلى القرية، وفور وصولها، اتجهت إلى المقهى وسألت الحكواتي عن عنترة بن شدّاد، فقال لها: لقد ذهب مع العم حمدان إلى ساحة القرية ليتفرّج على صندوق الدنيا، ركضت ليلى إلى الساحة، فوجدت عنترة قد ربط حصانه إلى جانب دكان الإسكافي وجلس يتفرج، فصاحت: عمّي عنترة.. الحقني، لقد هاجمنا الذئب في الغابة وأكل معّوظة.
وقف عنترة كالأسد، نطّ على حصانه مجرّداً سيفه من غمده، وانطلق يسابق الريح.
في الطريق.. صادف عنترة العفريت فادوس أبا السّبعة رؤوس وابنه مرّوسي، فقطع بضربة واحدة رؤوس فادوس السبعة، وربط ابنه مرّوسي بذيل الحصان، ثم سار حتى وصل إلى الذئب.
كان الذئب نائماً تحت شجرة صنوبر، شقّ عنترة بطنه أخرج معّوظة، ووضع مروسي ابن العفريت مكانها.
أركب عنترة بن شداد ليلى ومعّوظة على حصانه وركض هو أمامهما حتى وصلوا إلى المقهى.
هناك.. طلب عنترة فنجاناً من القهوة، وكوبين من الحليب وجلسوا يتفرّجون على كركوز وعيواظ وبعد أن انتهى الحفيد من سرد حكايته، التفت إلى جدّه، فوجده نائماً.. والابتسامة ما تزال مرسومة على شفتيه.
((وتوتة توتة.. خلصت الحتوتة))